رغم ان الكثير لا يشيد بخطى مايكروسوفت في السنوات القليلة الماضية، الا اننا يجب ان نعترف ببراعتها وإبداعها التام في خلق موضة تصميم الواجهات بشكل مسطح (Flat) مع الويندوز 8 والويندوز فون 8 والذي يبدو انه تم تطبيق آلية تسطيح الواجهات معه بشكل خاص، بشكل لا مثيل له.
مؤمن تمامًا بأن واجهة الويندوز فون 8 هي الواجهة المنطقية، بل والفطرية لأي واجهة على اي حاسب آلي نستعمله اليوم نظرًا لوضوح معالمها وعناصرها في شرح ما أمام المستخدم العادي والمتوسط وحتى المتطورين منهم! براعه متناهيه في التبسيط لدرجة مقبولة مع دمج لطيف في بعض تقنيات العرض التي تتحدث بشكل مباشر مع المحافظة على نفس البساطة والتناسق في الواجهة.
ان آلية تصميم الواجهات بشكل مسطح اصبحت كعدوى حميدة تتناقل بين أقسام التصميم من شركات تصنيع الهواتف الذكية والحواسيب الآلية هنا وهناك، بشكل بطيء. ويبدو ان هذه العدوى قد وصلت لواحدة من أكبر الشركات التي تهتم بأدق التفاصيل المفصلة على أجهزتها وواجهات أنظمة تشغيلها الفعالة. بالطبع أتحدث عن شركة التفاحة المقضومة، آبل.
قبل أمس، قامت شركة آبل بالإعلان عن العديد من الأمور في مؤتمرها السنوي للمطورين WWDC ولا يهمني شيء منها سوى تحديث نظام iOS 7 «آي أو إس» المرتقب بتشوق للتجرد من جذور التصميم السابق الذي عاش مع الآيفون لأكثر من 6 سنوات.
سكوت فورستال والتصميم المحاكي للعناصر الواقعية
سكوت فورستال كان المسؤول عن تصميم واجهات المستخدم لنظام iOS منذُ أول آيفون حتى الآيفون 5 الأخير وكان ستيف جوبز وسكوت فورستال يتشاركون عشق وحب منقطع النظير لمحاكاة العناصر الواقعية (Skeuomorphism) في حياتنا على واجهات المستخدم ونحن نتحدث الآن عن كل ما نراه في واجهة المستخدم من أول نسخة من iOS حتى النسخة iOS 6 ما قبل الأخيرة.
خذ الحاسبة كمثال، فهي محاكاة طبق الأصل لحاسبة «براون» Braun بديعة التصميم من المصمم الصناعي الشهير ديتر رامس وهي ليست المثال الوحيد. أنظر الى تطبيق تسجيل الصوت الافتراضي وكيفية إظهاره لميكرفون ومقياس محاكي للواقع في قياس درجة الصوت. واحدة من أشهر وأقوى أمثلة تصميم واجهات المستخدم المحاكية للعناصر الواقعية، تطبيق iBooks «آي بوكس» الافتراضي لقراءة الكتب على الآيفون والآيباد. محاكاة لحركة صفحات الكتب في الواقع حين تقلب صفحة فوق أخرى والواجهة الرئيسية التي تبدو تمامًا كأرفف للكتب كلتي في منازلنا.
سكوت فورستال كان الطفل المدلل لدى ستيف جوبز. ستيف جوبز مات وسكوت فورستال طُرد من الشركة بعدها؛ يعتقد أغلب من في آبل بأنه من الغباء تصميم الواجهات بآلية محاكاة العناصر الواقعية، بجانب ان سكوت فورستال لم يكن الموظف المثالي بعد وفاة ستيف جوبز.
جوني آيف والتجرد من التصميم السابق إلى التصميم المسطح
جوني آيف يعتبر واحد من أشهر —ان لم يكن الأشهر— وأكثر المصممين الصناعيين إبداعًا في التاريخ، نظرًا لتصاميمه المبهرة لأغلب أجهزة آبل التي نستخدمها اليوم. ما يصممه كجهاز… تحف فنية لا تقدمها اي شركة أخرى، فالعملية عملية نحت وتصميم لتخرج لنا أجهزة ذات تصميم مبهر ورائع كالآي ماك على سبيل المثال أو الماك بوك آير وغيره.
كان لدي تخوف بعد تسليم مشروع تصميم واجهات «آي أو إس» لمصمم صناعي لم يسبق له ان يقوم بتصميم واجهة مستخدم على بيئة البرمجيات وأنظمة التشغيل فبراعته في كونه مصمم صناعي في تصميم الأجهزة والعتاد بشكل عام لا تعني بالضرورة انه سوف يكون بارع في تصميم واجهات البرمجيات.
كان خوفي هذا في محله، فبعد الإعلان التحديث الجديد iOS 7 «آي أو إس» تحول هذا الخوف إلى فجع وصدمة غير طبيعية لشخص مثلي مهتم، بل لم يعشق الآيفون كهاتف ذكي إلا بعمق وروعة التفاصيل الفنية في تصميم واجهات المستخدم لنظامه؛ فقد حول السيد جوني آيف التصميم بارع الجمال والدقة iOS 6 الى واجهة تشعرك كما لو كنت قد دخلت للتو لمنزل العروسة باربي أو زورت كوكب بون-بون على سبيس تون.
واجهة لا تتبع اي نمط واحد تمشي عليه، واجهة غير مرتبه، واجهة تشع بألوان زاهيه ليست صديقة للأعين —ربما لما لأعين بعض الفتيات— لهاتف ذكي يستخدم كل يوم لعدة ساعات متواصلة… وتستمر التعقيبات والانتقادات على التصميم الجديد وعيوبه، بل ان بعض العيوب بإمكان غير المصممين لمحها ببساطة!
المصمم لينوس اكنستم بمقالة غاضبة:
But what’s most confusing about this logic shows in in terms of your said number #1 priority – the customer satisfaction rating. How can you honestly believe that the majority of your users will like the new “Microsoft Zune” look? I don’t get it. There is some Jony Ive in there but to whomever that took this over, please step forward. There is so much wrong going on in here that I won’t even point out the good parts – you simply haven’t earned praise.
تنغ هاو تشانغ مصمم ويب متخصص آخر يتحدث بمقالة سريعة عن بعض الأخطاء والمفارقات الغريبة في التصميم الجديد مقارنة بالقديم:
Let’s make it clear: some icons just become less attractive, especially compared to their previous (ok, that’s current) designs. The previous ones are wonderful examples of skeuomorphism: an address book, an (Internet) navigator, a camera and an a place to tweak something inside apps. The new ones still convey the same metaphor, just in a more boring and less adorable way.
أشارك تنغ هاو تشانغ الرأي بجميع ما ذكره وتحديدًا بالحديث عن الأيقونات في مقالته.
أعجبتني ردة فعل جيم دالريمبل بعد الإعلان عن التحديث الجديد:
There is no doubt that iOS 7 is a great looking operating system. In fact, I liked everything that I saw, except the icons on the home screen. I don’t know what it is, but they seemed kind of odd to me.
رغم ان جيم دالريمبل يعتبر واحد من أكبر الكتاب على الإنترنت المعجبين بآبل —«فان بوي» Fanyboy كما يقول البعض— ولديه علاقات كثيرة وقوية مع آبل نفسها. الا انه تحدث بعقلانية ولم تعميه التفاحة المقضومة المختومة على النظام كما حصل مع البعض…
هناك نوعان من الكائنات البشرية المتواجدة على هذا الكوكب بعد مؤتمر آبل للمطورين:
- من أعجبهم التصميم الجديد فعلًا.
- من لم يعجبهم التصميم الجديد ولكن، بما ان التفاحة المقضومة مختومة عليه فهو يحاول إيهام نفسهم بفلسفات لا معنى لها، بأنه تصميم رائع ونقلة نوعية غير معهودة في عالم تصميم واجهات المستخدم في التاريخ.
خسارة التطابق والتجانس
لطالما أعجبتني تلك الخلفيات الرمادية ذات الطابع القماشي المتطابقة بملامحها بين نظام الماك على الحواسيب الآلية لآبل مع نظام «آي أو إس» لكل من الآيفون والآيباد، لكن يبدو انه آبل قررت ان تقوم بخسارة التطابق والتجانس في ملامح واجهات المستخدم بين النظامين ويعامل كل نظام بتصميم مختلف عن آخر.
إلا إذا فعلتها آبل وقامت فعلًا بنقل تصميم الـ«آي أو إس» الجديد وتطبيقه على الماك —مما اجده بعيد الاحتمال— لكن، كما يبدو لي على تويتر، هناك من أعجبه فعلًا فكرة تطبيق التصميم المسطح على الماك. كم أتمنى ان لا يحدث ذلك من كل أعماق كل شريان يقطن في قلبي.
واحدة من الإيهامات التي يستمر البعض بالحديث عنها هي: “لكن النظام مازال في حالة Beta المرحلة التجريبية وهذا ليس الإصدار النهائي” واحدة من أغبى الإيهامات ومن أغبي ما سمعت بعد نهاية المؤتمر؛ آبل قامت بالإعلان عن التصميم النهائي في مؤتمر المطورين وما رأيناه، هو ما سوف نحصل عليه بالنهاية.
الطور أو المرحلة التجريبية هي مجرد مرحلة سوف تستمر آبل من خلالها بتحسين أداء النظام الذي قد أعلنت عن تصميمة مسبقًا في المؤتمر والموضوع، موضوع تحسين هذا التصميم النهائي من الناحية العملية والأدائية له فقط. وإن —فل نفرض— قامت آبل فعلًا بتغير التصميم لبعض الأيقونات والأزرار المقززة مع تحديثها الجديد. ماذا يعني ذلك؟ اترك الإجابة لك.
ليس كل جديد جيد!
لطالما كانت البداية مع صفحة جديدة وجذور جديدة بعد استهلاك تصميم سابق عاصر المستخدمين لمدة 6 سنوات أفضل —لا خلاف على ذلك—، لكن الأفضل من ذلك كله هو ان تبدأ بصفحة نظيفة وصحيحة تساعدك على ان تستمر وتصمد لأطول فترة ممكنة.
أنا اسكن في منزل مرتاح به ولكن أريد منزل أفضل. هل سوف أنتقل لمنزل أسوء بحجة أنه جديد فقط؟ طبعًا لا! أنتظر في منزلي الحالي حتى أجد الأفضل وأنتقل وهذه انتقاله لمنزل جديد وأفضل. ليس كل جديد جيد!
ان كانت البداية مع الصفحة الجديدة للتصميم سيئة، لماذا تترك آبل ما كان ممتازًا وصامد طول الـ6 سنوات الماضية مع النظام القديم، حتى تصل لمرحلة تقدم فيه شيء مقبول على الأقل؟
ما قدمته آبل مع تصميم النظام الجديد كان بداية جديدة فعلًا، لكن لم تكن موفقة بنظري لأنها لم تبنى على أسس ممتازة لتصمد لفترة طويلة أو لتكون —على الأقل— مناسبة لذائقة عامة من المستخدمين كما كان الإصدار السابق للنظام.
لا اتخيل في اليوم من الأيام بأن اترك تلك الواجهة والأيقونات الخلابة في النظام القديم —الذي يعمل على جهازي حاليًا— لصالح التحديث الجديد وتصميمه الخالي من الطابع الفني المهول لكل أيقونة ودقة التفاصيل في حبك تصميم أكبر زر إلى أصغر زر على الشاشة.
في النهاية، اعتقد بعد وفاة ستيف جوبز وخروج سكوت فورستال ان الذوق الرفيع في آبل قد مات ومن رحمة الله ان توفى ستيف جوبز قبل ان يرى ما قام به السيد جوني آيف.