بغض النظر أن دعم شبكة فيس بوك للوسوم ( الهاش تاغ ) هي سرقة جديدة تضاف لسجلها من الأفكار المسروقة من شبكات اجتماعية اخرى، لكن لماذا تأخرت فيس بوك حتى اليوم لإضافة هذه الميزة؟ بنيما قوقل بلس و تويتر تدعمها منذ زمن بعيد؟، وما سيكون تأثير دعم الوسوم على فيس بوك والشركات و التسويق؟.
قبل البدء أود أن أشير إلى أن فيس بوك في بداياته كان يتسرع في إطلاق المزايا والتحديثات الصغيرة وهذا له هدف تسويقي بحت ليكون مسلط عليه الأضواء في مواقع الأخبار و بالفعل حقق نتائج جيدة في إنتشار الخدمة، ولو لاحظت معي أنه خلال السنتين الماضيتين أصبح فيس بوك يتأخر في إطلاق مزايا جديدة، و على العكس أصبح يقتل مزايا سابقة تدريجياً أو يخفيها عن الظهور، ولسنا هنا بصدد تعدادها.
تعد الوسوم طريقة مناسبة لمتابعة المنشورات والمحتوى المتعلق بالإهتمام إن تم إستخدامها بالصورة الصحيحة، وهي مناسبة لتويتر أكثر كون الـ 140 حرف لا تعطيك راحة أكبر للحوارات بالتالي يمكن إستخدامها لربط عدة تغريدات لك حول موضوع معين.
من سيتضرر من دعم فيس بوك للوسوم؟ هناك جهات كثيرة ستتضرر وقد يكون فيس بوك نفسه من بنيها !!.
الإعجابات الوهمية
هناك العديد من المواقع و الأشخاص الذين يعملون في هذا المجال، بيع الإعجابات، وهذه المواقع ستكون أول المتضررين، لماذا؟ .. لأن الناس ستصبح تستكشف المحتوى المتعلق بإهتمامها من خلال متابعة الوسوم وليس الإعجاب بصفحة تنشر محتوى ضمن إهتمامها.
وأكثر من ذلك، لو كنت مدير صفحة فيس بوك، لن أدفع مبلغاً لأحصل على مئات آلاف المعجبين الغير متفاعلين، يكفيني أن أضع الوسوم بطريقة مختارة بعناية مع منشوراتي، وبالتالي يكون كل الجمهور العربي مستهدفاً وكأنه وضع إعجاب.
بل أكثر من هذا أيضاً، كما تعلم أن أي مستخدم يضع إعجاباً على صفحة فيس بوك حتى لو كان حقيقي، فإنه لن تعرض له كل المنشورات ما لم يتفاعل مع الصفحة، تشير التقديرات الوسطية أن 10% فقط من الجمهور يصله المحتوى وذلك بفضل خوارزمية خاصة يتبعها فيس بوك، و إن أردت أن يصل منشورك لجميع المعجبين، عليك الدفع !.
هنا تبرز أهمية أن الشخص المهتم بموضوع معين لنفرض التصوير، فإنه من الصعب عليه الإعجاب ومتابعة كل الصفحات على فيس بوك التي تتحدث عن التصوير، لكن من الأسهل بكثير أن يبحث عن وسم #التصوير، وهنا يكون سلوك الشخص مدفوعاً برغبة وإهتمام حقيقي، وليس مجرد منشور عرض أمامه.
شبكة فيس بوك الإعلانية
إن لم يكن يهمك الإستهداف الدقيق، فإنك على الأرجح لن تطلق حملة إعلانية جديدة من أجل ترويج منتج أو صفحة أو روابط لمواقعك، يمكنك الآن ومجاناً أن تروج ما تريد بإستخدام الوسوم المناسبة، فلو كنت موقعاً سياحياً وتريد أن تستهدف الأجانب يمكنك أن تكتب منشورات بلغتهم وتضع فيها وسوم مناسبة. وأكرر هنا عندما يضغط المستخدم على الوسم ويبحث عن منشورات أخرى تتحدث عن الموضوع، فيكون مهتماً تماماً فيه، لكن عندما يعرض أمامه الإعلان أو المنشور من صفحة معجب بها، فإنه غالباً لا يكون مهتماً مباشراً فيه.
فالوسوم تعطيك إمكانية إيصال المحتوى الذي ترغبه للجميع ومجاناً، لكن لا اظن أن فيس بوك ستدعك تستفيد منها بدون أن تستفيد هي من الميزة أيضاً، وإلا لما كانت قد تأخرت حتى الآن لدعمها.
يمكن لفيس بوك أن يستفيد من الوسوم بعدة طرق، أبسطها أن ينشئ وحدة إعلانية جديدة تعمل على إستهداف الوسوم نفسها، فلو بحث أحد المستخدمين عن #تصميم ولديك إعلان يستهدف هذا الوسم، فإن منشورك سيظهر في أعلى المنشورات و أولها حتى ولو كان ترتيبه الزمني متأخر. هذا الإستهداف يجب أن تدفع مقابله وهنا تأتي فائدة فيس بوك.
إضافة لذلك يمكن لفيس بوك أن يطبق نفس خوارزمية المحتوى في الصفحات، كذلك على الوسوم، بمعنى حتى لو بحثت عن وسم معين على كامل الشبكة، فإنه لن يظهر لك كل المحتوى إنما جزء منه فقط، وحتى يظهر أي منشور لديك يحمل وسماً لعدد أكبر، عليك أن تدفع.
عم يتحدث العالم؟
كما أن هناك خدمة في قوقل لتعطيك مؤشرات هامة عم يبحث العالم خلال السنوات الماضية وبالتفصيل عن الدول والفترات وغيرها، يمكن لفيس بوك أن تطلق خدمة خاصة بالوسوم على شبكتها، وقد تجعل هذه الخدمة بنوع إشتراك فريميوم، بمعنى حزمة مجانية بمزايا أساسية، وحزمة مدفوعة بمزايا إضافية.
هناك الكثير من الجهات التي يمكنها الإستفادة من هذه الخدمة، لكن تحتاج فيس بوك لفترة من الزمن وكم كبير من المحتوى المتنوع الذي يستخدم الوسوم حتى تطلقها، ويمكن للشركات أن تأخذ صورة واضحة عن آراء الزبائن الإيجابية منها والسلبية حول منتجاتها من خلال تتبع وسوم وكلمات مفتاحية معينة، وهذا الموضوع حيوي للشركات ويصب في مجال الإستخبارات في قطاع الأعمال حتى يمكنها أن تدفع مبلغاً لقاء الحصول على هذه المعلومات، وفيس بوك ستعمل كل جهدها لتوفير المعلومات الدقيقة وتقدمها لطالبيها.
ولأن هناك أكثر من مليار شخص على فيس بوك فلا يمكنك أن تتجاهل هذه المنصة لأنها تحوي جمهورك وزبائنك، بالتالي ما يقال هنا سيهمك حتماً إن كان مدحاً بمنتجك أو شكاوى من الزبائن، لذلك فإن تتبع المنشورات عبر الوسوم والتعرف على شكلها سيعطيك فرصة لتصحيح مسارك قبل أن يصبح الإنحراف كبيراً.
كمثال عملي نشر أحد الأشخاص تجربته في التعامل السيء مع إحدى شركات صيانة الحواسيب على صفحته على فيس بوك و أضاف في آخرها وسماً بإسم الشركة التي تعامل معها. و أثناء بحث تلك الشركات عن الوسوم التي تتحدث عنها عثرت على هذه المشاركة التي يفصل فيها الشخص شكواه، وكان الأمر بأن رد المدير التجاري في الشركة عليه بشكل مفصل ليوضح موقف الشركة. فتخيل لو لم تكن هناك الوسوم كيف كانت ستصل الشركة لمثل هذه الشكوى ؟، كما يقال في عالم الأعمال .. الشكاوى فرص.
شركات تعيش على الوسوم
ستظهر قريباً المئات من الخدمات المتخصصة في وسوم فيس بوك، خدمات للتحليل والمقارنة والبحث، هذا الأمر يعتمد بداية على إتاحة فيس بوك لشركات الطرف الثالث الإستفادة من الواجهة البرمجية الخاصة بها، وهذا الأمر سيفيد فيس بوك نفسه، حيث لا داعي لأن يتولى إنشاء هذه الخدمات الثانوية المستندة على الوسوم، ستتولى شركات و مطورين آخرين هذا الموضوع.
المقارنات تعطي مؤشر ما لمدى إنتشار وسم معين، فيمكن لشركة مثل سامسونج أن تبدأ حملات أعلانية لترويج وسم #سامسونج وتربطه بمحتوى متعلق بمنتجاتها و أخبارها، لكن كم منشور يتحدث عن سامسونج؟ ما هو وقت الذروة؟ وكيف مستوى التفاعل مع هذه المنشورات؟ كم تعليق و إعجاب و إعادة مشاركة يأتي عليها؟ وغيرها الكثير من المؤشرات الهامة، بعدها تأتي منافستها الأقرب آبل لتقوم بنفس الأبحاث، و إن كان لدينا نصف مليار شخص يتحدث عن هاتين الشركتين، من المهم لهما أن تمحص فيما يتحدثون، هذا هو الجمهور الذي يدفع لشركتي لكي تستمر لذلك علي أن أكون قريباً منه و أفهم ما يقولون وأترجمه إلى منتجات و أفكار تشبع إحتياجاتك ورغباته.
إن تأخر فيس بوك بدعم الوسوم يعني أن الشركة كانت تخطط تماماً لطريقة الإستفادة منها وأن هذه الميزة وجدت لتبقى وتستمر حتى نهاية الشبكة أو إيجاد بديل عنها، لعل فيس بوك لم تطلقها بالبداية لأنها كانت شبكة صغيرة مع 200 مليون مستخدم ومحتوى قليل فلا يوجد داعي لإطلاق الوسوم لإستكشاف المحتوى، لأن الناس كانت بالكاد تستكشف محتوى أصدقائها ولا ترغب أو لا تستطيع على متابعة محتوى أكثر.
لكن اليوم مع أكثر من مليار شخص و نمو الشبكة الإعلانية و المحتوى الكبير الموجود أصلاً على الشبكة، أطلقت الوسوم لتستمر في ربط المحتوى و الإستفادة منه لزيادة مستوى ربط المستخدمين مع بعضهم، حيث أن متوسط عدد الأصدقاء للشخص الواحد لا يزيد عن 200 وهذا الرقم تراه فيس بوك صغير، لأن كل ماكان الترابط بين الأصدقاء أكبر يعني محتوى أكثر بالتالي إعلانات أكثر و أرباح أكثر .. ألا تذكر أن محتواك يقدم أكثر من مليار دولار لفيس بوك ؟